نضج العميل.. ومسؤولية المطوِّرين فى 2021
تشير غالبية التوقعات إلى أن عام 2021 سيكون أفضل على مستوى المبيعات والتنفيذات في القطاع العقاري، وقد تكون تلك التوقعات صحيحة، خاصة أن العاملين بالقطاع اكتسبوا خبرات في التعامل مع جائحة كورونا التي واجهها القطاع العام الماضي وأصبحوا أكثر قدرة على إدارة الأزمات ووضع الخطط التي تتلاءم مع التحديات الحالية وتضمن للمطوِّرين تحقيق المبيعات المستهدفة واستمرارية معدلات التنفيذ بالمواقع.
ورغم جائحة كورونا العام الماضي فإن هناك العديد من الشركات التي حققت مستهدفاتها من التنفيذ والمبيعات، وهو الأمر الذي يدلل على قوة السوق العقارية والطلب الحقيقي والفعال، فهناك يقين وصلنا إليه جميعًا من السنوات السابقة والتحديات الصعبة، وهو أن الطلب على العقار لا يتوقف أوقات الأزمات، بل ينشط أحيانًا بصورة ملحوظة في ضوء بحث العملاء عن مخزن آمن للقيمة لا يتأثر بمعدلات التضخم أو بتغيرات أسعار الفائدة كالودائع البنكية، كما تزداد رغبات العملاء في تفعيل الشراء لمخاوفهم من إمكانية ارتفاع الأسعار عقب الاستقرار.
ولكن إذا نظرنا إلى المتغيرات في السنوات الماضية وكيف أثرت على معدلات الطلب على العقار وشكاوى بعض الشركات من انخفاض مبيعاتها نجد أن المتغير الأبرز هو «العميل». نعم، فالعميل العقاري أصبح الآن أكثر نضجًا ووعيًا ولا يقوم بتفعيل الشراء إلا بعد الدراسة الدقيقة والتأكد من موقف الشركة وجديتها وسابقة أعمالها ومعدل الرضاء لدى عملائها السابقين.
فإذا كان العميل في السابق يسأل فردًا أو اثنين عن شركة ما، فقد أصبح الآن يقوم بسؤال ما لا يقل عن 10 أفراد ومسوِّقين وقانونيين، وكذلك العملاء السابقين عبر السوشيال ميديا، ثم تأتي الخطوة الأهم، وهي النزول إلى مواقع العمل والتعرف على سابقة أعمال الشركة واستدامة مشروعاتها وقدرتها على تحقيق أعلى العوائد مع مرور الزمن، فالعميل أصبح أكثر وعيًا وثقافة من قبل، ولذلك أصبح زمن اتخاذ قرار الشراء أطول نسبيًّا، كما لم تعد الأسعار الأقل وآجال السداد الطويلة هي المحرك الأساسي لعملية الشراء.
ولذلك فإن آجال السداد الطويلة -وخاصة غير المدروسة وغير المتوافقة مع الجدول الزمني المحدد للأقساط والقدرات التمويلية للشركات- تضر بالمطوِّرين ولا تحقق الجدوى المستهدفة في أغلب الأحيان، فالعميل إن لم يجد سابقة الأعمال المميزة والجدية من الشركة في التنفيذ فلن يتخذ قرار الشراء حتى وإن كان السعر أقل، وبالتالى فإن المطوِّر الذي يتخذ رفع آجال السداد العامل الأساسي لجذب العميل لن يحقق الجدوى وسيضع أعباء كبرى عليه قد تضر بمعدلات التنفيذ وتدفع بخسائر عديدة.
وأمام شركات التطوير العقاري الجادة مسؤولية كبرى في العام الجاري لإنتاج وحدات بأعلى جودة ومعايير تنافسية وأسعار تتلاءم مع القدرة الشرائية للعملاء، فالتحديات صعبة.
نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري ورئيس شركة «ماونتن فيو»