الضبط والتنظيم وحلم «ريرا»
تتنامى السوق العقارية المصرية بوتيرة سريعة، وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة مع زيادة حجم الفرص الاستثمارية نتيجة للمشروعات الكبرى المنفذة من قِبل الدولة، مثل مدن الجيل الرابع، وكذلك نتيجة إثبات السوق العقارية قدرتها على مقاومة جميع التحديات الاقتصادية والخروج من الأزمات سريعًا مع تحقيق عوائد متزايدة تجعل العقار هو الاستثمار الأكثر أمانًا.
ومع كبر القطاع العقاري تتزايد بالتبعية قاعدة المسوقين العاملين في السوق، فنقترب الآن من نحو أكثر من 250 ألف مسوق عقاري يعمل بالسوق المصرية، ليس جميعهم تحت مظلة شركات، فهناك عدد كبير يعمل دون غطاء قانوني ولا تعلم الدولة عنه شيئًا، ومن غير المنطقي مع كبر حجم السوق وحركة التنمية والتطوير التي تشهدها البلاد حاليًّا ألا يوجد كيان ينظم قطاع التسويق العقاري.
فغياب التنظيم في ذلك القطاع أدى إلى حدوث مشكلات كثيرة في الآونة الأخيرة، وهو ما أضر ليس فقط بالعملاء والشركات العقارية، بل أضر أيضًا بشركات التسويق العقاري الجادة، ولذلك نحتاج إلى آليات لتنظيم تلك السوق.
وتتخذ الدولة العديد من الإجراءات حاليًّا لضبط القطاع العقاري، وستنعكس هذه الإجراءات بالطبع على التسويق باعتباره جزءًا رئيسيًّا منه، ولكن مع توسع القطاع وتشعبه نحتاج إلى كيان وجهة مسؤولة عن تنظيم قطاع التسويق العقاري ووضع ضوابط وآليات لعمل الشركات.
ويمكن في ذلك الصدد الاستفادة من تجربةِ واحدةٍ من أكثر الدول العربية الناجحة في صناعة العقار وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية نتيجة قوة سوقها وتنظيمها، وهي الإمارات العربية، وتحديدًا دبي، وذلك بفضل وجود «RERA»، وهي كيان تابع للدولة مسؤول بالكامل عن القطاع العقاري عبر وضع قوانين وتشريعات وضوابط لممارسة المهنة، وأيضًا وضع ضوابط لما يخص عمليات البيع وجميع التعاقدات مع العملاء وكل شيء يخص العلاقات العقارية والمطورين العقاريين، فلا يستطيع أي مطور العمل بمعزل عن تلك الهيئة وقوانينها، كما أنها تعمل على ضبط العلاقة بين أطراف السوق العقارية وحفظ الحقوق، وليس هذا فحسب، بل تعمل كذلك على إعداد البحوث والدراسات وتقييم السماسرة العقاريين أو الوكلاء وإصدار التصاريح لهم وتصنيفهم إلى فئات.
وبالإشارة إلى «RERA « فقد تأسست في 31 يوليو 2007 من قِبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي- بغرض تنظيم قطاع العقارات في دبي، ومن أبرز أهدافها وضع السياسات والخطط في قطاع العقارات لزيادة الاستثمارات الأجنبية.
فنحتاج حاليًّا في مصر إلى جهة كتلك الجهة، خاصة مع توسع حجم الاستثمارات العقارية والرغبة الجادة في تصدير العقار وجذب صناديق الاستثمار الأجنبية للعمل في مصر.
فتطبيق ذلك النموذج هو السبيل الوحيد لإنقاذ السوق العقارية المصرية وتنقيتها من الدخلاء، كما سيجعل للمسوقين كيانًا يضبط ممارساتهم، وسيمكِّن الدولة من محاسبتهم وإعطاء التصاريح اللازمة لهم والحد من العشوائية التي لا تضر فقط بسمعة السوق العقارية محليًّا، بل عالميًّا.
ويحتاج إنشاء هيئة تنظيم العقارات في مصر إلى قرار سيادي من الدولة، ولدينا أمل في تحقيق ذلك في القريب العاجل، خاصة مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية ضبط القطاع العقاري وتنظيمه وحماية مصالح المواطنين.