بلومبرج: هذه هي أكبر مخاطر اقتصادية تهدد العالم في 2022
أشارت وكالة بلومبرج إلى أن معظم التوقعات التي صدرت عن مؤسسات عالمية بما في ذلك بلومبرج إيكونومكس رجحت تحقيق تعاف قوي وخمود الأسعار والتحول بعيدا عن التدابير الطارئة في السياسة النقدية، وبرغم هذا تظل هناك العديد من المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي عام 2022.
وتشمل هذه المخاطر فيروس أوميكرون واستمرار التضخم ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة وتعرض الصين لركود ناجم عن أزمة شركة إيفرجراند العقارية، واشتعال أزمة تايوان، وسحب الاستثمارات من الأسواق الناشئة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق واندلاع أزمة يورو جديدة وارتفاع أسعار الغذاء للحد الذي يتسبب في اندلاع اضطرابات في الشرق الأوسط الذي يقف على سطح صفيح ساخن.
وربما تتطور أيضا بعض الأشياء لتصل إلى ما هو أفضل مقارنة بالتوقعات، حيث ربما تتخذ الحكومات قرارا بالإبقاء على الدعم المالي. وربما تؤدي أحدث خطة خمسية صينية إلى ضخ استثمارات أكبر في البلاد. وربما تؤدي الفوائض المالية التي تم إدخارها خلال الجائحة إلى توفير الأموال اللازمة لزيادة الانفاق عالميا.
متحور أوميكرون ومزيد من الإغلاقات
لو ثبت أن متحور أميكرون أكثر عدوى وقدرة على قتل البشر، فربما يتم العودة إلى القيود الأكثر قسوة التي تم تطبيقها عام 2021. واتجهت بالفعل بلاد مثل بريطانيا إلىذلك الاتجاه، ومن المتوقع أن يتباطأ نموها خلال 2022 إلى 4.2%.
خطر التضخم
توقعت الولايات المتحدة مطلع عام 2021 إنهاء العام بتضخم يقارب نسبة 2%، لكن التضخم يقترب فيها من نسبة 7% حاليا. وترجح التوقعات أن ينتهي 2022 أيضا بنسبة تضخم تقارب المستهدفات. لكنه تتوفر مهددات ربما تتسبب في عدم الوفاء بها، منها متحور أوميكرون.
وترتفع الأجور في الولايات المتحدة بوتيرة متسارعة. وربما تتسبب التوترات بين روسيا وأوكرانيا في رفع أسعار الغاز الطبيعي، وربما يستمر صعود أسعار الغذاء عندما يتسبب تغير المناخ في وقوع كوارث طبيعية. وربما تقود هذه التأثيرات مجتمعة إلى الوقوع في هوة الركود التضخمي الذي لن يجد له بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي ولا البنوك المركزية في العالم إجابات سهلة.
رفع الفائدة في الولايات المتحدة
تكشف السوابق التاريخية بداية من عام 2013 إلى 2018 عن أن تشديد المركزي الأمريكي سياساته النقدية يلحق أضرارا بالأسواق.
أسعار الأصول مرتفعة بالفعل، ويقترب مؤشر ستاندرد اند بورز 500 من بلوغ حد الفقاعة، وتتسارع أسعار المنازل بعيدا عن القيم الإيجارية مما يدل على أن مخاطر السوق العقاري ستكون أكبر خلال 2022 مقارنة بأي وقت آخر منذ أزمة عام 2007.
رفع الفائدة والأسواق الناشئة
ربما تلحق أضرارا جسيمة بالأسواق الناشئة جراء رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ستؤدي أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة إلى تعزيز قوة الدولار وخروج تدفقات رأسمالية من الاقتصاديات النامية وإلى إندلاع أزمات في العملات أحيانا.
هناك بلدان أكثر عرضة للمخاطر مقارنة بغيرها. في عامي 2013 و 2018 كانت الأرجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا هي الأكثر معاناة. وبإضافة البرازيل ومصر تكتمل قائمة الدول الخمس الأكثر عرضة للمخاطر عام 2022، استنادا إلى مجموعة من العوامل التي أوضحتها مؤسسة بلومبرج ايكونومكس.
الصين تصطدم بسور الصين العظيم
في الوقت الذي ربما تهدأ أزمة الطاقة عام 2022، فربما لا يتيسر الوصول لحل لأثنين من المشاكل، إذ أن استراتيجية الصين التي تسعى لخفض الإصابات بكوفيد إلى مستوى الصفر ربما تدفعها إلى فرض الإغلاقات في إطار مواجهة متحور أوميكرون. وفي ظل ضعف الطلب وانحسار التمويل ربما تواصل الإنشاءات العقارية الانهيار، خصوصا أنها تشكل ما نسبته 25% من الاقتصاد الصيني.
وترى مؤسسة بلومبرج إيكونومكس أن تراجع معدل نمو الصين إلى ما دون 5.7% في 2022 عند 3% مثلا سيلقي بظلال كثيفة على العالم وسيحرم مصدري السلع من المشترين.
الاضطرابات السياسية في أوروبا
تضامن القادة الأوروبيين والتفافهم لدعم المشروع الأوروبي وإقبال البنك المركزي الأوروبي على السيطرة على تكاليف الاقتراض ساعد أوروبا على تفادي أزمة كوفيد. لكن كلا الأمرين ربما يتبخران العام القادم.
الصراع حول الرئاسة الإيطالية في يناير ستنهي التحالف الهش في روما. وتتجه فرنسا إلى صناديق الانتخابات في أبريل بينما يواجه الرئيس إيمانول ماكرون تحديات من اليمين. إذا حاز المتشككون في جدوى الوحدة الأوروبية على السلطة في فرنسا وإيطاليا سيتم توجيه ضربة قاضية للهدوء الذي يغلف أسواق السندات الأوروبية وسيحرم البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي.
ربما يؤدي هذا إلى اتساع الفارق بين عوائد أثنين من السندات السيادية بنحو 300 نقطة أساس، في تكرار لما حدث خلال أزمة الديون في العقد الماضي.
سيترتب على هذا اقتطاع الناتج الاقتصادي بأكثر من 4% بنهاية عام 2022، مما يدفع منطقة اليورو للسقوط في هوة الركود وإحياء الشكوك في جدوى مشروع الوحدة الأوروبية.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق
ربما تنهار المفاوضات الجارية حاليا بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بخصوص بروتوكول شمال إيرلندا عام 2022.
وعندما تنهار المفاوضات ستسود حالة من انعدام اليقين التي ستضرب استثمارات الأعمال وستضر بالجنيه الاسترليني وسترفع التضخم وتقلص الدخول الحقيقية.
مستقبل السياسة النقدية
انفقت الحكومات الكثير لدعم العمال والأعمال خلال الجائحة، ويحاول الكثير منها حاليا شد الحزام. ومن المتوقع أن يؤدي خفض الانفاق العام عام 2022 إلى خفض إجمالي الناتج المحلي العالمي بنحو 2.5%، وهي نسبة تزيد خمس مرات عن التدابير التقشفية التي أبطأت تعافي الاقتصاديات بعد أزمة عام 2008، بحسب تقديرات بنك يو.بي.اس.
أسعار الغذاء واندلاع الإضطرابات
يعد الجوع بمثابة محرك أساسي للاضطرابات الاجتماعية. وتسبب مزيج مشتمل على تبعات كوفيد والطقس السيئ في دفع أسعار الغذاء قرب قمم قياسية، وربما يتسبب في استمرار ارتفاعها العام القادم.
وتسببت آخر صدمة غذاء عام 2011 إلى تفجر الاحتجاجات الشعبية خصوصا في الشرق الأوسط. ولا زالت العديد من البلدان في المنطقة عرضة لتكرار هذه الاحتجاجات.
تبدو السودان واليمن ولبنان أكثر عرضة للمخاطر اليوم مقارنة بعام 2011، بينما مصر في وضع أفضل.
تصاعد التوتر حول تايوان
تصاعد التوتر بين البر الصيني وتايوان، بما في ذلك الحصار والغزو المباشر، سيدفع قوى عالمية أخرى للتدخل في الصراع، ومنها الولايات المتحدة.
اندلاع حرب بين القوتين العظميين هو أسوأ سيناريو محتمل، لكن السيناريوهات الأقل جسامة تشمل فرض عقوبات ستجمد العلاقات بين أكبر اقتصاديين في العالم وانهيار عمليات انتاج أشباه الموصلات الجارية في تايوان والمسؤولة عن توفير مستلزمات انتاج أجهزة حيوية مثل التليفونات المحمولة والسيارات.
وستنعقد انتخابات في البرازيل في أكتوبر القادم وسط خلفية من الاختلالات الناجمة عن الجائحة واقتصاد لا يزال متعثرا. وفي حال فوز مرشح يعد بضبط الانفاق العام سيجلب بعض الراحة.
وفي تركيا، تسعى المعارضة إلى إقامة انتخابات عام 2023 في العام القادم وسط انهيار العملة مع تحميل الرئيس رجب طيب أردوغان مسئولية هذا الانهيار بسبب سياساته الاقتصادية غير التقليدية.
سيناريوهات أكثر تفاؤلا لعام 2022
إبقاء الولايات المتحدة على سياسات توسعية سيحمي الاقتصاد من الانهيار المالي وسيحفز النمو.
السيناريو الثاني الأكثر تفاؤلا هو أن تنفق الأسر تريليون الدولايات التي تم إدخارها بفضل محفزات الجائحة والتقشف خلال الإغلاقات العامة. إذا تم إنفاق هذه المدخرات بوتيرة أسرع من التوقعات سيتسارع النمو.
وربما يؤدي إقبال الصين على الاستثمار في الطاقة الخضراء والمنازل الرخيصة الواردة بالفعل ضمن الخطة الخمسية ال14 للبلاد إلى تحفيز الاستثمارات.
وقد تؤدي خطة التجارة الجديدة في آسيا ضمن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الأقليمية التي تضم 2.3 مليار شخص وتسهم بنسبة 30% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي إلى تحفيز الصادرات.
بدأت تتسارع معدلات التعافي في الكثير من الاقتصاديات، لكن هذا لم يكن متحققا خلال عام 2021 الذي تسبب في أضرار فاقت توقعات الاقتصاديين. وهذا يعد واحدا من المؤشرات الجيدة على امكانية تحسن الأوضاع في العام القادم.