الأحد، 22 ديسمبر 2024 11:01 ص
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
اقتصاد

لماذا تواجه الدول الفقيرة الآن أزمة ديون مرتبطة بالجائحة؟

السبت، 05 فبراير 2022 10:42 م

انفقت حكومات الدول الأكثر فقرا في العالم أموالا لا تملكها لكي تصلح أنظمتها المهترئة للرعاية الصحية وتوفر شبكة أمان لمواطنيها، مما عمق تعثر مالياتها.

وقدمت البلدان الدائنة مساعدات لهذه الدول عبر تأجيل سداد مدفوعات الديون، بل وإمدادها بالمزيد من القروض، لكنها لم تعد تحصل على إعفاءات بجانب اتجاه تكاليف الاقتراض العالمية للارتفاع، مما زاد من مخاطر تعرضها لتعثرات فوضوية، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.

ما هي البلدان التي ستعاني أكثر؟

تشكل أمريكا اللاتينية ما يزيد على ربع وفيات العالم من كوفيد-19، على الرغم من أنها موطن نسبة 8% فقط من التعداد السكاني العالمي.

وتسببت الجائحة في سقوط 22 مليون نسمة هناك في هوة الفقر عام 2020، مما رفع إجمالي عدد غير القادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية إلى 209 مليون شخص. وتعثرت الأرجنتين والإكوادور في سداد قروضهما، مما أنعش مقارنات مع العقد الضائع الذي شهده الأقليم في ثمانينات القرن الماضي، عندما سقطت البلدان المديونة مثل قطع الدومينو في هوة الركود الممتد.

تسبب تأخر التطعيمات في إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي في دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، مما هدد حيوات الملايين.

وتعثرت زامبيا في سداد ديونها عام 2020، وتكافح إثيوبيا وتشاد لإعادة هيكلة ديونها وتخارج المستثمرون من السندات الدولارية التي طرحتها غانا.

وأقبلت سيرلانكا ولبنان والسلفادو ضمن ثمانية دول يتتبعها مؤشر بلومبرج على طرح سندات مقومة بالدولار، إذ يتم تداولها حاليا عند عوائد تزيد عن نسبة 10% في المتوسط، في إشارة إلى تفاقم أزمة الديون التي باتت تعاني منها هذه الدول.

من الذي حاول تقديم المساعدة؟

وأطلقت البلدان الغنية بقيادة الولايات المتحدة برامج لشراء السندات وطبعت أموالا جديدة بتريليونات الدولارات خلال الجائحة وضخت حصة صغيرة من هذه الأموال لمساعدة البلدان الأكثر فقرا عبر المؤسسات متعددة الأطراف.

وتنازلت مجموعة العشرين ثلاث مرات عن مدفوعات، ضمن اتفاقيات ديون بين الحكومات لصالح البلدان الأكثر فقرا، خصوصا في أفريقيا. ووافق صندوق النقد الدولي على تمويلات طارئة لأكثر من 80 دولة.

وتم طرح أكبر عمليات لضخ أموال في تاريخ صندوق النقد الدولي – نحو 650 مليار دولار في حقوق السحب الخاصة وأصول الاحتياطيات التي تشبه السحب على المكشوف وتجئ بدون شروط، خلافا لمعظم برامج الصندوق الأخرى.

هل كانت محاولة الانقاذ هذه ناجعة؟

وبينما ساعدت هذه الحزمة على تفادي الوقوع في أزمة ديون، فقد كان هذه الحل مؤقتا، وباتت البلدان الأكثر فقرا مكلفة بسداد فاتورة ديون باهظة على الرغم من استمرار معاناة اقتصادياتها وسقوط الاقتصاديات الكبرى في أمريكا اللاتينية في هوة الركود.

ويتفق الاقتصاديون عموما على أن الجائحة قد عززت انعدام المساواة بين البلدان وداخلها. وقال رئيس صندوق النقد الدولي كرستلينا جورجيفا في يناير إن الأزمة الاقتصادية قد تتسبب في تعريض بعض البلدان لاضطرابات أكبر. وفي كولومبيا، تسببت محاولات لزيادة الضرائب بغرض تفادي تخفيض التصنيف الائتماني لاقتصادها في إندلاع احتجاجات ومظاهرات في شوارعها أفضت لمقتل بعض المشاركين فيها عام 2021 مما أجبر واضعي السياسات على التراجع.

هل نتجه لانفجار الديون؟

يتعين على الحكومات التي تحاول انقاذ بلدانها من السقوط في حفرة ديون عميقة أن تحقق قدرا من التوازن الدقيق. وهي تواجه الاختيار بين المحافظة على تدفق المساعدات أو سداد ديون الدائنين.

الزيادات المتوقعة لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة تعظم التحدي، إذ أن أسعار الفائدة المرتفعة سترفع أسعار الدولار وتضعف العملات الأجنبية وترفع تكاليف خدمة الديون المقومة بالدولار أمام العديد من دول العالم.

وبينما تكافح العديد من البلدان للتغلب على تداعيات المتحور أوميكرون، فإن صندوق النقد الدولي يتأهب لزيادة متوقعة في الطلب على الاقتراض، إذ أن الحكومات التي حصلت على ديون إضافية خلال العامين الماضيين تكافح لتحمل ارتفاع تكاليف الاقتراض.

وتلتزم بلدان العالم الأكثر فقرا بسداد مدفوعات ديون بقيمة 35 مليار دولار مستحقة لجهات دائنة رسمية ثنائية أو خاصة العام الجاري.

ما هي فرص إعفاء المزيد من الديون؟

وضعت مجموعة العشرين خطة في أواخر عام 2020 لإعادة جدولة ديون البلدان التي تواجه خطر التعثر. لكنها واجهت عراقيل جراء نقص التنسيق والشفافية والوضوح.

الإخفاق في سداد مدفوعات الديون قد يتسبب في عرقلة الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية. أشارت إثيوبيا، على سبيل المثال، إلى أنها لن تطلب من البنوك وحملة السندات ذات الإعفاءات التي منحتها مجموعة من الدول المانحة مثل إيطاليا وفرنسا، خوفا من إغضاب مجتمع التمويلات العالمية.

ويتوقف إبرام اتفاقيات بخصوص إعفاءات الديون على الصين التي قال البنك الدولي عنها إنها تشكل نسبة 40% من الديون الثنائية والخاصة التي تحتاجها البلدان الأكثر فقرا لمساعدتها على خدمة الديون العام الجاري.

وتقول الصين إنها قدمت إعفاءات إلى عشرات البلدان، لكنها اشتكت من أن دائني القطاع الخاص والمانحين متعددي الأطراف لم يضطلعوا بالدور المنوط بهم على أكمل وجه.