الأحد، 17 نوفمبر 2024 05:33 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

الثقة حلقة الوصل لدفع الاستثمارات المحلية والأجنبية

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2022 11:02 ص

خلال السنوات الـ8 الماضية بذلت الحكومة المصرية جهدًا كبيرًا في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية في مختلف القطاعات بمجالات البنية الأساسية والمدن الجديدة والتوسعات العمرانية والصناعة وغيرها، وكانت كل تلك المشروعات بمثابة القاطرة التي عبرت بمصر في توقيت وتحديات صعبة، وساهمت في دفع الاقتصاد وتشغيل الملايين من العمالة.

ونواجه اليوم تحديات جديدة تختلف عن السابق، لأنها أمر يعانيه العالم أجمع، وجاءت بعد تحدي جائحة كورونا الذي لا يزال العالم يعاني تبعاته، وهناك دول كبرى تعاني حاليًّا الركود، فكيف تتفادى مصر ذلك؟ خاصة أن غالبية المشروعات القومية الكبرى أوشكت على الانتهاء، وبالتالي ستكون هناك طاقات معطلة لبعض الشركات بعد أن قامت بزيادة إمكانياتها لتتناسب مع حجم الأعمال الضخم في السوق.

ولا سبيل لإنقاذ الاقتصاد المصري من شبح الركود وتعطيل طاقات الشركات الكبرى إلا تحفيز القطاع الخاص على توسعة حجم استثماراته وطرح المزيد من الأعمال التي من شأنها الحفاظ على المعدلات التي وصل إليها الاقتصاد من خفض البطالة، ولا شك أن الدولة ترغب في تلك الخطوة، بل تم الحديث عنها أكثر من مرة.

فالخروج من الأزمة القادمة لن يتم إلا من خلال مشروعات جديدة يتم فيها استثمار رؤوس أموال محلية وأجنبية لبناء اقتصاد مُنتِج قوي يحقق تطلعات الشعب في حياة كريمة.

ولعل أكبر التحديات التي تقف أمام القطاع الخاص الآن في التوسع وتنمية حجم الاستثمارات هو حالة أزمة الثقة بين المستثمرين والحكومة، وعزوف المستثمرين المحليين والأجانب عن الاستثمار في مشروعات جديدة استغلالًا للفرص الكبيرة الموجودة بدولة في حجم مصر ومكانتها.

ورغم الحرص وتبني العديد من الحلول لجذب المستثمر الأجنبي، فلا يجب إغفال أهمية وضع آليات لجذب المستثمر المحلي الوطني، فهو الذي يقوم بالعمل والاستثمار حتى في ظل الظروف الاقتصادية غير الملائمة؛ إيمانًا منه بغدٍ مشرق، في حين أن المستثمر الأجنبي لا يسـتثمر في بلد إلا بعد التأكد من ملائمة مناخه واستقرار اقتصاده، كما أن أداء المستثمر المحلي ومدى نجاح مشروعاته هما أول ما ينظر إليه المستثمر الأجنبي عند التفكير في الاستثمار في أي بلد، والقطاع الخاص المحلي هو المصدر الأول للوظائف، وكذلك هو الممول الرئيسي للحصيلة الضريبية.

وأمام كل تلك المكاسب التي يتيحها دفع الاستثمار المحلي، ألا يتطلب ذلك آليات لتحفيز المستثمر المحلي على التوسع والدخول في مشروعات جديدة والعمل على إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمستثمرين؟!

فالمطلوب الآن هو قيام الحكومة بخطوات مطمئنة لخلق بيئة مشجعة للاستثمار عبر تنظيم الأسواق ونشر الشفافية والتكافؤ في الفرص بين الجميع، وعلى القطاع الخاص أيضًا القيام بدوره لإعادة بناء اقتصاد قوي في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، وعلى الطرفين بدء صفحة جديدة عنوانها حسن الظن بشركاء الوطن والتعاون البنَّاء من أجل مواجهة تحديات المستقبل؛ فالمستثمر يعمل بهدف تحقيق ربح، ولكن ذلك لا يعني أنه فاسد أو سيئ النية، تمامًا مثل الموظف الذي يعمل من أجل راتب مادي، فلا يعني ذلك بالضرورة أنه مستعد لأن يختلس بمجرد أن تتاح له الفرصة، فالفساد قد يوجد في الطرفين، ولكن علينا أن نفترض حسن النية من أجل التعاون المثمر.

وإعادة بناء الثقة تتطلب من الحكومة خطوات واضحة وسياسة اقتصادية مبنية على الشفافية، وأقترح في هذا الصدد بعض الحلول التي قد تساهم في تحقيق ذلك الغرض؛ أولها إعلان صريح بأن الحكومة تعتزم العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتذليل العقبات أمام المستثمرين، بالإضافة إلى تفعيل مبادئ الشفافية في الإعلان عن التحديات التي تواجه الاقتصاد وفي السياسات المزمع اتباعها في المرحلة القادمة، كذلك الحوار البنَّاء بين الحكومة والمستثمرين في التحديات التي تواجه الاستثمار، وإشراك المستثمرين والفكر الاقتصادي في وضع السياسات التي تحل مشكلات السوق، كما يجب العمل على منع الممارسات الاحتكارية وفتح فرص استثمارية للشركات الصغيرة والناشئة.

كذلك يجب العمل على تحقيق الاستقرار والاستدامة في السياسات الاقتصادية عبر المؤسسات الحكومية المختلفة، وأن يتم الإعلان عن أي تغييرات جذرية في السياسات النقدية أو الضريبية قبل تفعيلها بفترة مناسبة، وذلك يمثل أهمية كبيرة للمستثمر الأجنبي؛ حيث إنه يخشى عدم تحقق دراسته الاقتصادية في استثماراته بسبب تغييرات فجائية في اللوائح أو القوانين.

فبناء الثقة من شأنه خلق بيئة مشجعة للاستثمار يساهم فيها جميع القطاعات لدفع عجلة الاستثمار والتنمية عن طريق خلق وظائف جديدة ونمو الصادرات وزيادة محتوى المكون المحلي في المنتجات الاستهلاكية المحلية، كذلك المساهمة في زيادة الإنتاج التي تؤدي بدورها إلى زيادة في الضرائب ودعم العملة المحلية.

العضو المنتدب لشركة «أركان – بالم»