البنوك المصرية تثبت أقدامها على خريطة تمويلات الاقتصاد الأخضر
بدأ عدد كبير من البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري في زيادة حجم التمويلات الموجهة نحو الاقتصاد الأخضر، خلال السنوات الأخيرة، لا سيما أنه يفتح الطريق أمامها للحصول على تمويل من المؤسسات الدولية، يتم توظيفه في تمويل المشروعات المتوافقة مع البيئة النظيفة.
البنك المركزي المصري يصدر تعليمات مُلزِمة للتمويل المستدام
وتعزيزًا لهذا التوجه، أصدر البنك المركزي المصري العام الماضي تعليمات مُلزِمة بشأن التمويل المستدام، تُعَدُّ إحدى الخطوات الفعالة لتعزيز دور القطاع المصرفي في تحقيق رؤية الدولة والدفع بعجلة التحول نحو الاقتصاد الأخضر ومواجهة المخاطر البيئية والاجتماعية.
وتتضمن التعليمات عدة محاور رئيسية، منها إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المستدام بكل بنك، فضلًا عن إلزامها بإدراج سياسات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المستدام ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية للبنك، إضافة إلى الاستعانة باستشاري بيئي لتقييم مشروعات الشركات الكبرى المزمع تمويلها من المنظور البيئي، وأخيرًا إعداد تقارير دورية في هذا الشأن.
وأعلن البنك المركزي عن انتهاء كل البنوك المصرية من قياس البصمة الكربونية لمبانيها الرئيسية، وذلك تماشيًا مع توجهات الدولة نحو التحول لتطبيقات الاقتصاد الأخضر والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة وفقًا لرؤية مصر 2030.
مبادرات دولية لدعم المشروعات الخضراء في مصر
وأطلقت العديد من المؤسسات التمويلية التنموية الدولية مبادرات هدفها تمويل مشروعات الاقتصاد الأخضر، إذ يخطط البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية – بالشراكة مع بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية – لدعم عدة قطاعات في السوق المصرية، وتأتي على رأسها مساعدة شركات القطاع الخاص الصغيرة الحجم على الاستثمار في مشروعات كفاءة الطاقة والتكنولوجيا الخضراء.
كما يستهدف صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة تمويلات لـ 4 مشروعات في مصر بقيمة إجمالية 297 مليون دولار في قطاعات متعددة.
ولدى مؤسسة التمويل الدولية محفظة استثمارية بقيمة تقارب 1.6 مليار دولار، ومحفظة خدمات استشارية نشطة بقيمة 33 مليون دولار، وساهمت مشروعات المؤسسة في مساندة القطاع الخاص في مجالات رئيسية، مثل الحصول على التمويل، والتكنولوجيا المالية، والتمويل المناخي، والصناعات التحويلية، والبنية التحتية والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، ومراعاة المساواة بين الجنسين.
البنك الأوروبي يناقش مع مصر مشروع الصناعة الخضراء المستدامة
وأعلنت جيلسومينا فيليوتي – نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار لمنطقة المشرق – عن أن البنك يناقش خلال الفترة الحالية مع الحكومة المصرية تمويل مشروع الصناعة الخضراء المستدامة لدعم الصناعات الثقيلة.
وأضافت أن تلك المشروعات تستهلك الكثير من الطاقة، وذلك بالتعاون مع وزارة البيئة، لتمويل القطاع الخاص لدعم الصناعة الخضراء في مصر، موضحة أنه سيتم الإعلان عن التمويلات التي سيتم ضخها خلال الفترة المقبلة.
وأشارت إلى أن البنك يتعاون مع الحكومة المصرية منذ أكثر من 40 عامًا، حيث قدم البنك تمويلات منذ عام 1978 وحتى الآن بقيمة 15 مليار يورو، كما أن ذلك يشمل 10 مليارات يورو تم ضخها على مدار السنوات الخمس الماضية فقط، فيما حصلت مصر على قروض ميسرة بنحو مليار يورو سنويًّا بين عامي 2018 و2022.
وقالت إن البنك بصفته مؤسسة داعمة لمصر يعلم أن الاستثمار هو أحد أساسيات النمو الاقتصادي، ومن هذا المنطلق نؤكد أن الدعم الأوروبي للاقتصاد المصري قوي للغاية، وذلك نظرًا لأهمية مصر الاقتصادية والجغرافية في المنطقة، حيث إن ضمان نموها واستقرارها يعود بالنفع على الجميع، لذا يحافظ البنك على دعمه للدولة للمضي قدمًا.
البنك الأهلي: تكلفة التمويل الأخضر أكثر تميزًا
من جانبه، قال يحيى أبو الفتوح – نائب رئيس البنك الأهلي المصري – إنه يجب الاهتمام بشكل أكبر بتمويل المشروعات الخضراء التي تعمل بالطاقة النظيفة خلال الفترات الحالية.
وأضاف أن القطاع الخاص يحصل على نصيب الأسد من إجمالي التمويل العالمي للتمويل الأخضر، موضحًا ضرورة تفعيل دور بنوك التنمية وإتاحة أكبر قدر من التمويل.
ولفت أبو الفتوح إلى أهمية أن يكون هذا التمويل منخفض التكلفة، وهو ما تتميز به التمويلات الموجهة لهذا القطاع، خاصة لأن الفترة الحالية يُعَدُّ ارتفاع تكلفة التمويل فيها أبرز معوقات عمليات التمويل بشكل عام.
وأشار إلى أن مصرفه بدأ في تقديم التمويلات الخضراء منذ عام 2014، حيث حصل على تمويل بقيمة 30 مليون دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وذلك عبر برنامج تجريبي، وذلك لإعادة إقراضه إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة الملتزمة بكفاءة الطاقة أو توليدها من مصادر متجددة.
وأوضح نائب رئيس البنك الأهلي المصري أن البنك الأوروبي أطلق خلال الفترات الماضية العديد من البرامج التي تساند وتدعم المشروعات الخضراء، حيث حصل البنك الأهلي على قرضين بقيمة 200 مليون دولار سابقًا، حيث بلغ إجمالي التمويلات المقدمة من البنك الأوربي للبنك الأهلي نحو ملياري دولار ليتم توجيهها للتمويل الأخضر.
وأكد أهمية دور بنك التنمية الإفريقي في دعم مصر في العديد من هذه التمويلات، مثل دعمه وتمويله لمشروع محطة بنبان للكهرباء، ومحطة جبل الزيت لتحلية المياه.
Saib: المؤسسات الدولية شجعت البنوك المصرية على دعم الاقتصاد الأخضر
ومن جهته، قال طارق الخولي – رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك saib – إن التمويلات الموجهة للمشروعات الخضراء في السوق المصرية بدأت تزيد بشكل ملحوظ خلال السنوات السابقة، وذلك بعد استحداث برامج من قبل المؤسسات المالية الأجنبية، مثل البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
وأوضح أن تلك البرامج تسعى إلى دعم المشروعات التنموية الخضراء، وخاصة لشركات القطاع الخاص المصري، بهدف زيادة رأس المال عبر برامج إقراض لتمويل المشروعات الخضراء، وتشجيع هذه الشركات على تحقيق وفورات لاستخدام الطاقة وتقليل بصماتها البيئية، بالإضافة إلى المساهمة بشكل كبير في الجهود العالمية لمكافحة آثار تغير المناخ.
وأشار الخولي إلى أن البنك اعتمد خلال العام الماضي سياسة التمويل المستدام الذي يعزز تمويل المشروعات الخضراء ومشروعات الطاقة المتجددة، وكذلك مشروعات إعادة تدوير المخلفات.
وتابع: «تلك السياسة تحظر تمويل بعض المشروعات التي تضر بالبيئة، بالإضافة إلى قيام البنك بالاشتراك في مبادرة إحلال المَركَبات بالتعاون مع وزارة الصناعة من خلال قطاع التجزئة المصرفية».
ولفت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك saib إلى أن البنك قام خلال العام الماضي بقياس البصمة الكربونية للمركز الرئيسي، وذلك لتحديد حجم الانبعاثات الكربونية الناتجة من التشغيل، وتم إرسالها إلى البنك المركزي.
البنك الزراعي المصري: ارتفاع محفظة التمويل الأخضر للأفراد إلى 8 مليارات جنيه
وبدوره، أكد علاء فاروق – رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري – زيادة دعم البنوك في تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبرى التي تعمل بالطاقة الخضراء، حيث إن ذلك توجه عالمي خلال الفترة الحالية.
وقال إن سياسة البنك خلال الفترة الحالية تعمل بشكل رئيسي على الاستدامة، حيث ارتفعت محفظة التمويل الأخضر الموجه للأفراد إلى 8 مليارات جنيه، كما أطلق البنك قروضًا للطاقة النظيفة بفائدة ميسرة تصل إلى 5%، وذلك لتشجعيهم.
وأوضح أنه يتم إطلاق تلك البرامج التمويلية بفائدة مخفضة بدعم من البنك المركزي المصري والحكومة، وذلك للتركيز بشكل أكبر على فئة المشروعات الخضراء، كما يدعم المشروعات الخاصة بالري الحديث وزيادة إنتاجية الفدان التي تستهدف الوصول بالإنتاجية إلى ما بين 40% و60%.
وكشف أن البنك يسعي خلال الفترة الحالية إلى زيادة التمويلات الممنوحة لقطاع الطاقة المتجددة، حيث تم ضخ تمويلات تُقدَّر بـ 100 مليون جنيه لنحو 343 عميلًا، كما أنه منح تمويلات لمشروعات التحول إلى الري الحديث بأكثر من مليار جنيه لنحو 573 ألف فدان على مستوى الجمهورية.
وخصص البنك الزراعي نحو 170 مليون جنيه لتمويل أول قرية ذكية بحجم 170 مليون فدان، مضيفًا أن البنك وفر تمويلات خضراء تُقدَّر بقيمة 300 مليون جنيه لـ 780 عميلًا.