أنظمة السداد على 10 سنوات.. سلاح ذو حدين
شهد القطاع العقاري في السنوات الأخيرة ظهور بعض شركات التطوير العقاري التي استحدثت أنظمة سداد لجذب مزيداً من العملاء، ووصل الحد لهذه الأنظمة لتقسيط قيمة الوحدة السكنية على آجال تصل إلى 10 و12 سنة، وهو أمر لم يكن معتاد في القطاع سابقاً.
وتعد هذه الأنظمة سلاحاً ذو حدين، فعلى الرغم من مزاياها في جذب العملاء من خلال التحرك بمرونة وفقاً للإمكانيات المالية للمشتري، إلا أنها تنطوي على خطورة قد لا تظهر في الوقت الحالي، حيث أن هذه الأنظمة تحتاج إلى شركات عقارية ذات ملاءة مالية ضخمة ولها من الاحتياطات النقدية ما يمكنها من الإنفاق على تنفيذ المشروع وتسليمه في المواعيد المحددة وذلك لأن المبالغ التي تكون الشركة قد حصلتها من العميل عند تسليم الوحدة تقل عن التكلفة الفعلية للوحدة .
وبشيء من التفصيل وبالنظر لواقع القطاع العقاري السائد بالسوق حاليا ، نجد أن متوسط مدة تنفيذ المشروع تتراوح ما بين 4 إلى 5 سنوات لتسليم الوحدة للعميل بدون تشطيب بسعر يتراوح بين 10- 12 ألف جنيه وتتوزع عناصر التكلفة كالاتي حوالي 4 آلاف جنيه نصيب المتر المربع من مساحة الوحدة في قيمة الأرض بعد الارتفاع الأخير لقيمة الأراضي بالمدن الجديدة ، بالإضافة الي و4 آلاف جنيه أخرى نصيب المتر من تكلفة البناء وشبكات المرافق الداخلية علي ضوء الزيادة التي حدثت خلال ٣ سنوات الماضية في تكلفة البناء ، وحوالي 2 الي 3 آلاف جنيه أخيرة تمثلمصروفات البيع والتسويق - المصروفات الإدارية - ومصروفات التمويل – والضرائب ، أما صافي الربح اذا كان المطور في الأداء عالي الكفاءة الفنية لا يزيد عن 15% الي 20% المتبقية من سعر بيع الوحدة ،
وأنه من الطبيعي أن يكون المطور قد حصل على الـ 12 ألف جنيه نظير كل متر وقت تسليم المشروع لتحقيق نسبة الربح المشار اليها عاليه .
ولكن نظراً للأنظمة المستحدثة في السداد، فإن المطور يجد نفسه قد حصل ما يتراوح بين 50% إلى 60% فقطمن سعر بيع الوحدة وقت تسليم المشروع، وهي المبالغ التي تقل عن التكلفة الحقيقة للمتر وهذا يتطلب ان يكون المطور لديه رأس المال والكفاءة المالية التي تمكنه من ذلك وفِي حالة تخصيم الشيكات المتبقية بعد تسليم الوحدة مع احد البنوك التي تقوم بذلك تكون تكلفة التخصيم للشيكات علي ال 5 سنوات المتبقية بعد تسليم الوحدة مرتفعة جدا بحيث تكون اجمالي المبالغ المحصلة من المشتري قبل تسليم الوحدة والمبالغ المحصلة من تخصيم الشيكات بعد تسليم الوحدة أقل من التكلفة الإجمالية للوحدة شاملة المصروفات الإدارية ومصروفات البيع والتسويق
وفي حال عدم امتلاك المطور رأس المال والكفاءة المالية لتمكينه من استكمال تنفيذ المشروع في المواعيد المحدد سيضطره لتأخير مواعيد التسليم أو تعثر المشروع بصورة كاملة بما يضر بالمطور والعميل نفسه.
وما تقوم به الشركات العقارية التي لديها الكفاءة المالية والقادرة على تنفيذ مشروعاتها بما يتوافق مع هذه الأنظمة طويلة الأجل، فإنها تعمد حتماً إلى تحميل سعر بيع المتر بتكلفة التمويل البنكي لاستكمال التنفيذ في المواعيد المحددة وكذلك تكلفة التخصيم للشيكات بعد تسليم الوحدة التي تحفظ لها نفس هامش الربح المخطط الذي يضمن نجاحها واستمرارها بالسوق
وهو ما نلاحظه في صورة الفرق الكبير في سعر البيع للمتر المربع في نفس المدينة الذي يصل الي 50% - 60 % بين الشركات الكبرى التي لديها الكفاءة المالية والشركات الاخري
وكذلك الخصومات على برامج السداد الأقل أمداً زمنياً، وما هذه الخصومات إلا خصم لسعر الفائدة المحصلة على كل عام إضافي في مدد التقسيط
ونتيجة لكل ما سبق، فإنه من الأفضل أن يترك المطور الذي ليس لديه الكفاءة المالية مهمة تمويل وحدته على فترات زمنية طويلة للشركات والبنوك العاملة في مجال التمويل العقاري فهم الأجدر بذلك ولديهم من الخبرات والدراسات التمويلية ما يمكنهم من ذلك بما يحافظ للمطور على سير مشروعه وفق دراساته وكذلك للمواطن بالحصول على وحدته في مواعيد التسليم المعلنة وبدون تأخير أو مشكلات في التنفيذ.