ذبح الشمول المالي من أجل الدولار - بقلم بدور إبراهيم
بذلت الدولة خلال السنوات العشر الأخيرة جهودًا كبرى لدعم تحقيق الشمول المالي وتقنيات الدفع الإلكتروني، واتخذ البنك المركزي المصري خطوات كبرى لتحقيق ذلك الهدف، وبالفعل ظهر العديد من النتائج الإيجابية، التي تراجعت كثيرًا في العامين الأخيرين.
فقد تراجعت عمليات استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني بعد وضع حدود قصوى للسحب، وهو أمر يضر بالمواطنين وبالمستثمرين الذين يحتاجون في أي وقت إلى سيولة نقدية كبيرة تفي بالالتزامات
ويفضل حاليًّا قطاع عريض من المواطنين العودة إلى الادخار بالمنزل أو وضع المدخرات في ذهب أو دولارات، فقد عادت عمليات شراء الخزائن التي دخلت للمنازل بعد غياب.
فقد ساهمت التحديات الاقتصادية الأخيرة والتراجع المستمر في العملة المحلية في لجوء البنك المركزي المصري والحكومة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات والقرارات المشددة خلال 2023، التي استمرت حتى الآن للسيطرة على الدولار والحد من الارتفاعات المستمرة له ومنع خروجه من البلاد.
ورغم أن تلك المحاولات كان هدفها الأساسي هو إعادة استقرار العملة المحلية، فإنها لم تحقق المرجو منها، بل ساهمت في نشر العديد من الممارسات التي أضرت بالعملة وعملية الشمول المالي.
فقد تراجعت عمليات استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني بعد وضع حدود قصوى للسحب، وهو أمر يضر بالمواطنين وبالمستثمرين الذين يحتاجون في أي وقت إلى سيولة نقدية كبيرة تفي بالالتزامات.
ويفضل حاليًّا قطاع عريض من المواطنين العودة إلى الادخار بالمنزل أو وضع المدخرات في ذهب أو دولارات، فقد عادت عمليات شراء الخزائن التي دخلت للمنازل بعد غياب.
وفي حديث لي مع أحد أصحاب محلات بيع الخزائن قال إن عام 2023 هو الأكثر طلبًا على شراء الخزائن المنزلية، وإن حجم ما تم بيعه من الخزائن خلال العام الماضي يعادل مبيعات 20 عامًا.
كما ذكر أحد مطوري العقارات في حديث لي أن مشهد دخول العميل بثمن الوحدة نقدًا أصبح يتكرر كثيرًا.
ولا شك أننا نشهد حاليًّا تحديات خطيرة أمام عملية الشمول المالي، وتعيدنا تلك التحديات سنوات إلى الوراء، وتفسر أسباب حدوث موجات تضخمية بصورة سريعة، ومن ثم لجوء المركزي إلى اتخاذ إجراءات جديدة للحد منها، واستمرار الدائرة المفرغة التي نعيش فيها منذ عامين.
فلم تحقق الإجراءات المشددة سوى مزيد من التراجع للعملة المحلية وانتشار المضاربات وزيادة الفارق بين سعر الدولار الرسمي وسعره بالسوق السوداء، وعليه يجب دراسة الوضع الحالي بدقة وعناية شديدة لإعادة الاستقرار إلى العملة المحلية والاقتصاد المصري.
ومن دون دعم عملية الشمول المالي والقضاء على التحديات الأخيرة سنواجه مشكلات في العديد من الملفات التي نسعى إلى الاهتمام بها لجلب العملة الصعبة ودفع الاقتصاد، من بينها تصدير العقارات والسياحة وغيرها، فالرقمنة والاستدامة توجهات عالمية يجب أن تُراعَى في جميع الدول التي تهدف إلى جذب استثمارات وتحقيق نمو اقتصادي، ولكن ما نشهده هو مصطلحات و«شو» إعلامي فقط دون تطبيق الاستدامة كما ينبغي وبمفهومها العملي.
فما تم حتى الآن في هذا الملف الهام يعتبر قليلًا جدًّا، والأغلبية العظمى قطاع خاص، ولا يلقى الدعم الحكومي، بل يلقى كل البيروقراطية والعراقيل.
إقرأ أيضا
الحل في 2024..إلغاء «الأولوية للسداد بالدولار» - بقلم بدور إبراهيم
بعد نضج القطاع العقاري.. البورصة العقارية الطريق إلى التنظيم